فصل: من الأولى باللقيط:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.ضمان المستعير:

ومتى قبض المستعير العارية فتلفت ضمنها، سواء فرط أم لم يفرط.
وإلى هذا ذهب ابن عباس وعائشة وأبو هريرة والشافعي وإسحاق.
ففي حديث سمرة، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «على اليد ما أخذت حتى تودي».
وذهب الأحناف والمالكية إلى أن المستعير لا يضمن إلا بتفريط منه، لقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا المستودع غير المغل ضمان». أخرجه الدارقطني.

.الوديعة:

.تعريفها:

الوديعة مأخوذة من ودع الشئ بمعنى تركه.
وسمي الشئ الذي يدعه الإنسان عند غيره ليحفظه له بالوديعة، لأنه يتركه عند المودع.

.حكمها:

والايداع والاستيداع جائزان، ويستحب قبولها لمن يعلم عن نفسه القدرة على حفظها، ويجب على المودع أن يحفظها في حرز مثلها.
والوديعة أمانة عند المودع يجب ردها عندما يطلبها صاحبها، يقول الله سبحانه: {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اوتمن أمانته وليتق الله ربه}.
وقد تقدم حديث «أد الأمانة إلى من ائتمنك» الخ.

.ضمانها:

ولا يضمن المودع إلا بالتقصير أو الجناية منه على الوديعة، للحديث المتقدم الذي رواه الدارقطني في الباب المتقدم.
وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «من أودع وديعة فلاضمان عليه» رواه ابن ماجه.
وفي حديث رواه البيهقي: «لا ضمان على مؤتمن».
وقضى أبو بكر رضي الله عنه في وديعة كانت في جراب فضاعت من خرق الجراب أن لا ضمان فيها.
وقد استودع عروة بن الزبير أبا بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام ما لا من مال بني مصعب، قال: فأصيب المال عند أبي بكر، أو بعضه، فأرسل إليه عروة: أن لا ضمان عليك، إنما أنت مؤتمن.
فقال أبو بكر: قد علمت أن لا ضمان علي. ولكن لم تكن لتحدث قريشا أن أمانتي قد خربت. ثم إنه باع مالا له فقضاه.

.قبول قول المودع مع يمينه:

وإذا ادعى المودع تلف الوديعة دون تعد منه فإنه يقبل قوله مع يمينه.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه: أن المودع إذا أحرزها ثم ذكر أنها ضاعت أن القول قوله.

.إدعاء سرقة الوديعة:

وفي مختصر الفتاوى لابن تيمية: من ادعى أنه حفظ الوديعة مع ماله فسرقت دون ماله كان ضامنا لها.
وقد ضمن عمر، رضي الله عنه، أنس بن مالك، رضيا لله عنه، وديعة ادعى أنها ذهبت دون ماله.

.من مات وعنده وديعة لغيره:

من مات وثبت أن عنده وديعة لغيره ولم توجد فهي دين عليه تقضى من تركته.
وإذا وجدت كتابة بخطه وفيها إقرار بوديعة ما فإنه يؤخذ بها ويعتمد عليها، فإن الكتابة تعتبر كالاقرار سواء بسواء متى عرف خطه.

.الغصب:

.تعريفه:

جاء في القرآن الكريم: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا}.
والغصب هو أخذ شخص حق غيره والاستيلاء عليه عدوانا وقهرا عنه.

.حكمه:

وهو حرام يأثم فاعله، يقول الله سبحانه: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}.
1- وفي خطبة الوداع التي رواها البخاري ومسلم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا}.
2- وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الشارب حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن».
3- وعن السائب بن يزيد عن أبيه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولالاعبا، وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها عليه».
أخرجه أحمد وأبو داود، والترمذي وحسنه.
4- وعند الدارقطني من طريق أنس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه».
5- وفي الحديث: «من أخذ مال أخيه بيمينه أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة...فقال رجل: يا رسول الله وإن كان شيئا يسيرا؟ قال: وإن كان عودا من أراك».
6- وروى البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «من ظلم شبرا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين».

.زرع الأرض أو غرسها أو البناء عليها غصبا:

ومن زرع في أرض مغصوبة فالزرع لصاحب الأرض وللغاصب النفقة، هذا إذا لم يكن الزرع قد حصد، فإذا كان قد حصد فليس لصاحب الأرض بعد الحصد إلا الاجرة.
أما إذا كان غرس فيها فإنه يجب قلع ما غرسه وكذلك إذا بنى عليها فإنه يجب هدم ما بناه.
ففي حديث رافع بن خديج، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شئ، وله نفقته» رواه أبو داود وابن ماجه، والترمذي وحسنه، وأحمد وقال: إنما أذهب إلى هذا الحكم استحسانا على خلاف القياس.
وأخرج أبو داود والدارقطني من حديث عروة بن الزبير أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «من أحيا أرضا فهي له وليس لعرق ظالم حق».
قال: ولقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديث أن رجلين اختصما إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غرس أحدهما نخلا في أرض الآخر. فقضى لصاحب الأرض بأرضه.
وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها، قال: فلقد رأيتها وإنها لتضرب أصولها بالفئوس وإنها لنخل عم.

.حرمة الإنتفاع بالمغصوب:

وما دام الغصب حراما فإنه لا يحل الانتفاع بالمغصوب بأي وجه من وجوه الانتفاع، ويجب رده إن كان قائما بنمائه سواء أكان متصلا أم منفصلا.
ففي حديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه».

أخرجه أحمد وأبو داود، والحاكم وصححه، وابن ماجه.
فإن هلك وجب على الغاصب رد مثله أو قيمته سواء أكان التلف بفعله أو بآفة سماوية.
وذهبت المالكية إلى أن العروض والحيوان وغيرها، مما لا يكال ولا يوزن، يضمن بقيمته إذا غصب وتلف.
وعند الأحناف والشافعية أن على من استهلكه أو أفسده ضمان المثل، ولا يعدل عنه إلا عند عدم المثل.
واتفقوا على أن المكيل والموزون إذا غصبا وحدث التلف ضمن مثله إذا وجد مثله، لقوله تعالى: {فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}.
ومؤونة الرد وتكاليفه على الغاصب بالغة ما بلغت.
وإذانقص المغصوب وجب رد قيمة النقص، سواء أكان النقص في العين أو الصفة.

.الدفاع عن المال:

ويجب على الإنسان أن يدفع عن ماله متى أراد غيره أن ينتهبه، ويكون الدفع بالاخف، فإن لم ينفع الاخف دفع بالاشد، ولو أدى ذلك إلى المقاتلة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد» رواه البخاري ومسلم والترمذي.
من وجد ماله عند غيره فهو أحق به: ومتى وجد المغصوب منه ماله عند غيره كان أحق به ولو كان الغاصب باعه لهذا الغير، لأن الغاصب حين باعه لم يكن مالكا له، فعقد البيع لم يقع صحيحا.
وفي هذه الحال يرجع المشتري على الغاصب بالثمن الذي أخذه منه.
روى أبو داود والنسائي عن سمرة، رضيا لله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به، ويتبع البيع من باعه» أي يرجع المشتري على البائع.

.فتح باب القفص:

من فتح باب قفص فيه طير ونفره ضمن. واختلفوا فيما إذا فتح القفص عن الطائر فطار، أو حل عقال البعير فشرد.
فقال أبو حنيفة: لا ضمان عليه على كل وجه.
وقال مالك وأحمد: عليه الضمان سواء خرج عقيبه أو متراخيا.
وعن الشافعي قولان: في القديم: لا ضمان عليه مطلقا.
وفي الجديد: إن طار عقيب الفتح وجب الضمان، وإن وقف ثم طار لم يضمن.

.اللقيط:

.تعريفه:

اللقيط هو الطفل غير البالغ الذي يوجد في الشارع أو ضال الطريق ولايعرف نسبه.

.حكم التقاطه:

والتقاطه فرض من فروض الكفاية، كغيره من كل شيء ضائع لا كافل له، لأن في تركه ضياعه.
ويحكم بإسلامه متى وجد في بلاد المسلمين.

.من الأولى باللقيط:

والذي يجده هو الأولى بحضانته إذا كان حرا عدلا أمينا رشيدا، وعليه أن يقوم بتربيته وتعليمه روى سعيد بن منصور في سننه، أن سنين بن جميلة قال: وجدت ملقوطا فأتيت به عمر بن الخطاب، فقال عريفي: يا أمير المؤمنين، إنه رجل صالح فقال عمر: أكذلك هو؟ قال: نعم قال: اذهب به، وهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته، وفي لفظ: وعلينا رضاعه.
فإن كان في يد فاسق أو مبذر أخذ منه وتولى الحاكم أمر تربيته.

.النفقة عليه:

وينفق عليه من ماله إن وجد معه مال، فإن لم يوجد معه مال، فنفقته من بيت المال لأن بيت المال معد لحوائج المسلمين، فإن لم يتيسر فعلى من علم بحاله أن ينفق عليه، لأن ذلك إنقاذ له من الهلاك، ولا يرجع على بيت المال إلا إذا كان القاضي أذن له بالنقة عليه، فإن لم يكن أذن له كانت نفقته تبرعا.

.ميراث اللقيط:

وإذا مات اللقيط وترك ميراثا ولم يخلف وارثا كان ميراثه لبيت المال، وكذلك ديته تكون لبيت المال إذاقتل، وليس لملتقطه حق ميراثه.

.ادعاء نسبه:

ومن ادعى نسبه من ذكر أو أنثى ألحق به متى كان وجوده منه ممكنا، لما فيه من مصلحة اللقيط دون ضرر يلحق بغيره، وحينئذ يثبت نسبه وإرثه لمدعيه.
فإن ادعاه أكثر من واحد ثبت نسبه لن أقام البينة على دعواه فإن لم يكن لهم بينة أو أقامها كل واحد منهم عرض على القافة الذين يعرفون الانساب بالشبه، ومتى حكم ينسبه قائف واحد أخذ بحكمه متى كان مكلفا ذكرا عدلا مجربا في الاصابة.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «دخل علي النبي، صلى الله عليه وسلم، مسرور اتبرق أسارير وجهه فقال: ألم تري أن مجززا المدلجي نظر آنفا إلى زيد وأسامة وقد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الاقدام بعضها من بعض» رواه البخاري ومسلم.
فإن لم يتيسر ذلك اقترعوا بينهم، فمن خرجت قرعته كان له.
وقال الحنفية: لا يعمل بالقائف ولا بالقرعة، بل لو تساوي جماعة في ولد وكان مشتركا بينهم ورث كل منهم كابن كامل، وورثوه جميعا كأب واحد.